ليلى، شابة تعمل في مكتبة صغيرة وسط المدينة القديمة، هادئة، تحب الكتب أكثر من الناس، وتؤمن أن القصص الحقيقية لا تحدث خارج الروايات. كل صباح ترتب الرفوف، تعد القهوة لنفسها، وتغرق في الكتب التي لا يشتريها أحد.
نظرت إليه، ثم إلى الدفتر، وسألته بابتسامة:
"تكتب؟"
قال وهو يتهرّب بعينيه:
"أحاول، بس ما بعرف إذا بقدر أكمل."
كانت تلك أول جملة تبدأ بها قصة طويلة.
بدأ يزورها كل أسبوع. يقرأ، يكتب، يناقشها حول الكتب والفلسفة، ويضحكان على الزبائن الغرباء. كانت تكتب ملاحظات صغيرة وتخبّئها بين صفحات الكتب، وهو يجدها مصادفة.
في إحدى المرات، وجد ورقة كتبت عليها:
"أحيانًا أشعر أنني قصة غير مقروءة."
فردّ في اليوم التالي، داخل كتاب:
"بس أنا عم أقراك، كلمة كلمة."
مرت ثلاثة أسابيع، لا رسائل، لا زيارات.
ليلى بدأت تذبل، وكل الكتب صارت صامتة من دونه.
وفي مساء رمادي، دخلت امرأة أربعينية إلى المكتبة وسألت عن "آدم مراد".
قالت ليلى إن الاسم مألوف، فسألتها المرأة:
"أنتِ تعرفينه؟ هو ابني. كان يجي لهون؟"
"آدم توفّى قبل أسبوعين. كان مريض بسرطان الدم من سنتين، بس خبّى الموضوع عن الكل."
ثم مدت يدها، وأعطتها دفترًا أسودًا.
في أول صفحة:
"إلى ليلى، التي جعلتني أعيش أجمل فصل… ولو كنتُ أعرف أن العمر سطر واحد."
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق